تحديث سبتمبر 2024

كان سبتمبر شهراً حافلاً بالنسبة لمشروعنا. أولاً، نودّ أن نشكر الطواقم الطبية والإدارية على جهودهم البطولية التي ساهمت بشكل كبير في مساعدة جنى عيّاد، بمن فيهم الدكتورة نور الوحيدي، والدكتور هاني الفليت، والدكتورة سلوى مسعد من منظمة الصحة العالمية. هم حقاً الأبطال خلف الكواليس. نودّ أن نعبر عن امتناننا العميق واحترامنا الكبير لهم ولكل زملائهم على جهودهم الدؤوبة. بتفانيكم واهتمامكم، تمنحون الأمل للكثير من مرضى وجرحى قطاع غزة.

لا تزال حالة جنى حرجة. فكان أقل وزن قد وصلت إليه هو 9 كيلوغرامات (أقل من 20 رطلاً)، ومنذ ذلك الحين، اكتسبت كيلوغرامين فقط. وبالرغم من أن وزنها حالياً هو 11 كيلوغراماً، إلا أنه أقل بكثير من المعدل الطبيعي لوزن فتاة في الثامنة من عمرها، وهذا يشكل خطراً كبيراً على صحتها.

كما تعاني من مضاعفات صحية مزمنة نتيجة سوء التغذية الحاد، منها مشاكل في الهضم، وآلام العظام، إلى جانب مضاعفات أخرى مثيرة للقلق بدأت في الظهور مؤخراً، مثل تساقط الشعر والصدمات النفسية الشديدة. جنى بحاجة ماسّة إلى تلقّي العلاج المكثّف خارج غزة، حتى تستعيد صحتها الجسدية والنفسية.

إلى جانب تقديم المساعدات المالية لعائلة عيّاد، نعمل على تسهيل إجلائهم من غزة إلى الإمارات أو مصر. في الثالث من سبتمبر 9/03، قدم الدكتور هاني الفليت نموذج تحويلة جنى إلى وزارة الصحة. ونحن الآن في انتظار أن تضيف منظمة الصحة العالمية اسمها إلى قائمة المرضى المقرر إجلائهم.

تحمّلت عائلة عيّاد شهوراً عديدة من الانتظار المؤلم. فقد تمت الموافقة على إجلائهم في أبريل، لكن قصف معبر رفح البري حال دون مغادرتهم. وبعد ذلك، انتهت صلاحية وثائق تحويلة جنى، والآن يجب أن تبدأ عملية التقديم الطويلة من جديد.

لم يعد سهلاً على نسمة أن تتحمّل كل هذا الانتظار، فالعائلة تعيش داخل خيمة، ويتوجب على نسمة رعاية ابنتها المريضة جنى، إضافة إلى أطفالها الثلاثة الآخرين (الذين تتراوح أعمارهم بين عام وعشرة أعوام). لا يذهب الأطفال إلى المدرسة، بل يقضون أيامهم في حالة من الخمول القسري الذي يسلبهم بهجة الطفولة ويثبّط معنوياتهم.

تتدهور الحالة النفسية لجنى بشكل ملحوظ. قامت منى التلي، مهندسة فريقنا التي تعيش بالقرب منهم في مخيم النصيرات، بزيارة نسمة والأطفال مرتين هذا الشهر. وخلال زياراتها، كانت جنى منطوية على نفسها، ترفض التواصل وتتجنب النظر في أعين الناس. ظلّت جنى في وضعية طفل جنين، واضعةً يديها على وجهها.

عندما تتحدث جنى، فإنها لا تتكلم إلا عن والدها الغائب. قبل أن تبدأ الحرب على غزة، سافر والدها إلى مصر ليتبرّع لوالده بكبده، ولم تراه عائلته منذ ذلك الحين. تبكي جنى باستمرار على والدها، متوسلةً لنسمة أن تأخذها إليه. حينما ذهبت منى لزيارتهم، رأت حالة جنى الصعبة وحزنها الشديد على والدها، ووجدت منى صعوبة في تهدئتها ومواساتها.

يتقطّع قلب نسمة يومياً وهي تُخبر ابنتها مراراً وتكراراً أن الانتظار هو الحل الوحيد لرؤية والدها. غيرَ أن الأطفال الثلاثة الآخرين يشتاقون لوالدهم كثيراً أيضاً.

اضطرّت نسمة للنزوح من شمال القطاع إلى جنوبه حتى تحصل جنى على العلاج اللازم لإنقاذ حياتها، وانتقلت من بيتها الذي قصفه الاحتلال إلى خيمة في دير البلح بعيداً عن أهلها وأقاربها. لم تعد نسمة قادرة على تحمّل الضغط النفسي، ومشاعر الوحدة، والقلق من مصيرهم المجهول، وتردّد في ذهنها دوماً: “هل سيتم إجلاء عائلتي؟ ومتى سيحصل ذلك؟”

سنفعل كل ما بوسعنا لنسهّل حياة عائلة عيّاد، وإن شاء الله نحصل على الموافقة على تحويلة جنى ونحرّر نسمة من وطأة الانتظار. عزيمتنا قوية، وسنساعد نسمة في رعاية جنى لتتحسّن صحتها، ونأمل قريباً أن نلمّ شمل الأطفال بوالدهم، لنرسم مستقبل أجمل للعائلة بأكملها.